واحياناً الاستحضار الماكر لبعض المعارضات الساخرة لتلك لقصيدة ، ويظلّ المعلمُ قابعاً في أحلامه التي يأمل أن تتحقق في طلابه ؛ فهم جيل المستقبل الذي سيكمل المشوار ولكن إلى أين ؟ الله أعلم !
أما يوم المعلم في مدرسة الحسين بن علي الثانوية فقد كان باحتفاء خاص ساهم فيه الطلاب بكلمتهم وعبروا عن مشاعرهم بقدراتهم الإبداعية ؛ حيث أقيم في مركز مصادر التعلم بالمدرسة مسابقة بهذه المناسبة بعنوان : أجمل تهنئة للمعلم في يومه .
وقد كان تجاوب الطلاب معها رائعاً جداً ، وتجاوزت عبارات التهنئة فيها التوقعات ؛ فليس سهلاً استنطاق عبارات التهنئة من الطلاب تجاه معلمين غير مؤثّرين في حياتهم ! ولن تجد في قاموسهم مفاهيم الوفاء لمن هو مكرهٌ على تعليمهم ! وفي المقابل ستمتلئ الأقنعة الخادعة بالألوان المزيّفة تجاه معلمٍ يكيلُ لطلابه الدرجات دون وجه حق ، ويبيعهم الوهم في تحقيق أعلى المعدلات ! إلا أنه وفي نفس الوقت هناك منطقة وسطى تعلو فيها المصداقية تجاه معلمين بررة برسالتهم وحامليها من الأجيال .. لمثل هؤلاء كانت التهاني الفائزة بالمسابقة ، والتي أبدع الطلاب في ابتكار معانيها :
فهذا الطالب عمر سقاف - الفائز بالمركز الأول في المسابقة - يصوغ تهنئته بأسلوب أدبي يحمل معاني الفيزياء التي عشقها بسبب معلمه حيث يقول له مهنئاً :
إنّنا شُحيْناتٌ في مجالكْ ..
ولا تهمّ المسافةُ بيننا وبينكْ ..
فرْقُ جُهدنا في تزايدٍ ..
وما كانَ الفاعلُ إلا شدّةَ عِشقِكْ ..
فهنا يصوّر العلاقة بين الطلاب ومعلمهم بالعشق الذي أخذ مكوّناته من العلاقة الفيزيائية في التجاذب بين المجال والشحنات بحسب قانون كولوم ، هذا العشق المحرّك القوي في عملية التعلم بين الطالب وأستاذه كما هو في عملية الجذب بين المجال والشحنات مما يولّد طاقة كبيرة لا يولدها إلا مثل ذلك العشق .
أما الطالب صهيب المنعمي - الفائز بالمركز الثاني - فقد صاغ تهنئته في مقام العجز حيث يقول لمعلمه مهنئاً :
إلى من أجزل لنا العطاء ، وعلمنا وأرشدنا ؛ يعجزُ بياني ، ويتوقفُ لساني ، فتتزاحم الكلمات .. كيف أهنيك ؟! ليختم تهنئته بذلك التساؤل الحائر المعترف بالتقصير .
ويأتي الطالب خالد هوساوي - الفائز بالمركز الثالث - بعبارات التهاني حاملةً معها معاني الوفاء التي تتجاوز حدود الوقت ولا تكفيها مقادير الزمان حيث يقول :
سنظلّ نذكركم عموم الدهر لا يوماً بهِ ، يا معلمينَ نقلوا العلم لأجيالٍ وأجيال ، وعزّزوا بذلك الوجدان والأوطانَ ، وياله من علم حينما ينقله المخلصون ؛ يرفعوا بهِ للأوطانِ راياتِ العز عالية خالدة .
وهكذا هم طلاب ثانوية الحسين حين يعبّرون ، وهذه هي مشاعرهم تجاه معلميهم ، ولولا معلمون أكْفَاء وطلاب نجباء أوفياء لما انطلقت للتعليم مسيرة ولا تحقق للمجد عنوان ، فهنيئاً لمدرستنا بطلابها ومعلميها الذين صاغوا المستقبل وصنعوا جيلاً لا ينسى المعروف ، ويعترف بالفضل لأهله .